الحلقة الـ 48 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : ماذا نفعل لكي نلائم قواعدنا التربوية مع أبنائنا المراهقين ؟
........................................
لا يريد أبناؤنا المراهقين أن نطبق عليهم قواعدنا التربوية كآباء مثلما كنا نفعل ذلك في تعاملنا معهم وهم أطفال ..لذلك سنراهم يحاولون معارضة قراراتنا أو سيقومون باختبار مدى حزمنا في تطبيقها ..والإختبار هو أسلوبهم الذي يريدون به التعبير عن مدى حاجتهم إلى المزيد من المرونة في قواعدنا الأساسية في التربية .
إن أكثر ما يشجع الأبناء على اختبار آبائهم هو الأسلوب المتساهل في التربية .. وهذاالأسلوب يشجع الأبناء على الإلحاح في الحصول على ما يريدون فيقاومهم أبائهم ..ويحدث الشجار الذي يؤدي بالعلاقات بين الآباء وأبنائهم إلى التوتر والتعب النفسي .
رجاء مراهقة في الخامسة عشر من عمرها ..تشتكي أن والدتها تعاملها كالطفلة .
" أمي تعاملني مثل الطفلة..لا تدعني أفعل أي شيء وحدي ..لا تدعني أذهب مع صديقاتي بعد المدرسة ..والآن لا تسمح لي بدعوة صديقاتي إلى بيتنا لإنهم يشغلوني في نظرها عن أداء واجباتي .. وعندما أحاول أن أناقشها ..لا تستمع إلى أسبابي ..فهي تحاول أن تسيطرعلى كل شيء أريده ..لا تدعني أن أبقى مع صديقاتي بعد الساعة العاشرة..أليس ذلك أمر مضحك أن تعامني هكذا وأنا في هذه السن وفي ليلة يوم الإجازة ؟. "
ما نلا حظه على سلوك رجاء أنها تريد ما يريده الأبناء المراهقين ..حرية أكثر ..المزيد من الإستقلالية والا متيازات ..أكثر قدرة على اتخاذ أي قرار يتعلق بحياتهم الخاصة..قضاء وقت أقل في البيت وأكثر مع الأصدقاء ..كما نلاحظ الرغبة في إعادة وضع القواعد الأساسية في التربية التي تحكم علاقتهم بآبائهم ..فرجاء كانت طفلة مسؤولة في البيت والمدرسة..تقوم بواجباتها وتنهيها قبل أن تنام مبكرة..وكان والديها يثقان بها عندما تظل في البيت وحدها إلى أن يعودان من العمل ..وكان مسموح لها نتيجة لذلك أن تدعو صديقاتها في البيت عندما تكون أمها غير متواجدة به ..لكنها عندما بلغت سن الخامسة عشرة ..بدأت أطباعها في التغير ..أخذت تقضي وقت أكثر مع صديقاتها ووقتاً أقل في أداء واجباتها الدراسية ..أما غرفة نومها فقد أصبحت صورة للفوضى ..أهملت واجباتها المنزلية وعلاماتها الدراسية بدأت في الهبوط من ( b+)إلى (c)لإنها أصبحت تقضي معظم وقتها مع صديقاتها بالتلفون .
وأكثر ما كان يضايق أمها أنها كانت تدعو صديقاتها بعد المدرسة ..وتعم الوضى في غرفة المعيشة وفي غرفتها ..ثم تترك كل شيء كما هو ..كما أن رائحة التدخين أصبحت واضحة في البيت ..أي أن البيت أصبح بلا حدود تلتزم بها رجاء مع صديقاتها
قالت الأم لمعالجها النفسي
" لا أدري لماذا تفعل إبنتي كل ذلك لي ؟..لم تكن تكسر قواعد البيت التي وضعناها أنا ووالدها من قبل .
جلس المعالج النفسي مع الأم يناقشها من خلال عدة جلسات ..طرق التعامل مع الأبناء المراهقين .
تكلم معها عن الطرق التي سيستخدمها الأبناء في اختبار آبائهم ..ثم علمها كيفية تطبيق الحدود الحازمة مع ابنتها ... و كيف تستخدم النتائج المنطقية لتسند قوانينها التي تضعها لها ..واستغرق ذلك منه عدة جلسات .. وكان مهماً للأم أن يوضح لها ذلك المعالج أن ما يعتبر غير طبيعي بالنسبة لسلوك ابنتها يعتبر سلوكاً عادياً لكونها تمر بمرحلة المراهقة .. ثم تناقش مع الأم حول أهمية أن تمنح إبنتها المزيد من الحرية إذا أثبتت مسؤلية في تصرفاتهامثلما كانت تفعل معها في الماضي .
ادركت الأم المخاطر وخيبات الأمل التي يواجهها الأبناء المراهقين وهم يكبرون..وكانت خائفة من أن تختار إبنتها قرارات تؤثر على حياتها بطريقةسلبية ..لكنها أيضاً فهمت من المعالج أنها ستضر إبنتها إذا حاولت
حمايتها من اختياراتها الضعيفة أو السلبية ..لإن رجاء لن تتعلم تحمل المسؤلية حتى تتاح لها الفرص لتختار بنفسها وتختبر نتائج اختياراتها ..فهي بحاجة إلى سعة من الحرية للإكتشاف .لكنها أيضاً بحاجة إلى قوانين صلبة لتقودها إلى ذلك الإكتشاف وإشباع فضولها.. ونصحها المعالج أن تكلم إبنتها في اليوم التالي .
دخلت أم رجاء إلى غرفة ابنتها وقالت لها
"رجاء ..لقد لاحظت أني لم أوضح لك ماذا أتوقع منك ..أعتقد أن الوقت قد حان لكي نغير بعض القواعد..التي كنا نتشاجر حولها .
شعرت رجاء بالدهشة من كلام أمها وقالت لها " هل أنت جادة فيما تقولين ؟"
أجابت الأم " بالتأكيد ..لقد مللت من الصراخ والتشاجر والمناقشات والمحاضرات الغاضبة معك ..لقد وثقت بك من قبل ..وأعتقد أنك على استعداد اليوم للمزيد من الإمتيازات والمسؤلية ..لكنك يجب أن تؤدي أيضاً واجبك نحو البيت..إذا كنت تريدين أن تحتفظي بهذه الإمتيازات .
وافقت الإبنه وبدأت الأم حديثها الذي ستشرح فيه لإبنتها القائمة التي ستناقشانها .